تاريخ العطور :

ماهو تاريخ نشأة العطور ؟ وإلى أي عصر يعود اكتشاف العطور ؟ ومن أول من استخدمها ؟وهل كانت على هيئتها التي هي عليها الآن . . . ؟ أسئلة قد ترد على ذهن أي واحد منا، وفي هذا المقال سنحاول الرد على هذه الأسئلة بالحديث عن تاريخ  العطور نشأة العطور و تطورها خلال الزمن.
وللحديث عن تاريخ العطور نشأتها و تطورها لابد من أن نقسم الحديث مراحل زمنية ، و هذه المراحل هي:
1 _ تاريخ العطور في العصر الحجري
2 _ تاريخ العطور في عصر الحضارات العربية القديمة
3 _ تاريخ العطور في الحضارة الإسلامية
4 _ تاريخ العطور في الحضارة الأوربية الحديثة

ولنبدأ أولًا: بـ تاريخ العطور في العصر الحجري

أثبتت الدراسات أن الإنسان في أول نشأته في هذه الأرض واستعماره لها ، تعرف على العطر عن طريق شم الروائح . . حسنها وسيئها ؛ ثم وجد أن مصدر الروائح الطيبة يعود إلى تلك المعامل الصغيرة التي نشرها الله تعالى في الأرض والتي تتمثل بالأزهار والأعشاب ذات الروائح الطيبة ، فكان الإنسان البدائي يأخذ هذه الزهرات والأعشاب و يحرقها حتى تمنحه الروائح العطرة ، وهذه كانت طريقة استخدامه لها ، وكان البشر يستخدمها في الزينة فقط ، و ذلك لصعوبة تحضيرها ، وعدم تيسر المعدات اللازمة لاستخلاصها .
ثم تطور بعد ذلك الحال قليلًا في عصر الحضارارت المختلفة وإليك تفصيل ذلك التطور

ثانيا: تاريخ العطور في الحضارات المختلفة

الحضارة المصرية :

فكما هو مشهور عند المؤرخين لقد كان لمصر دورا كبيررا في تأسيس صناعة العطور ، و كان المصريون يستخلصون العطور من الأزهار بطريقتين اثنتين ، فالطريقة الأولى تتمثل بوضع الأزهار في لوحة كبيرة لها طرفان من ورق البردي ، ثم تمسك بالورق سيداتان ، فتضعان الورود مع قليل من الماء في داخل اللوح ، ثم تدوّر كلُّ سيدة الطرف الذي تمسك ، ويكون هذا التدوير على عكس اتجاه السيدة الأخرى ، بعد ذلك يتم عصر الورود ، فيخرج العطر منها ، وكانوا يضعون تحتهما إناءً كبيرًا ليتسع للكمية المعصورة ، وبعد ذلك يحتفظون بهذا المستخلص في أواني خزفية وفخارية صغيرة ، وكان العطر يصنع للملكات ولزوجات الأمراء والكهنة للتزين به عند الاحتفالات وكان أهل المال الوافر يستخدمونه فقط لأنه كان غاليًا.

اما الطريقة الثانية فهى متمثلة بوضع الورود في إناء فخاري صغير ، ثم يحرثونه ليعطي رائحة عطرة للجو ، وكان هذا النوع من العطور يستخدم في القرابين المقدمة للآلهة و في توديع المتوفي ولم يكن لأغراض الزينة بعكس النوع الذي قبله.

تاريخ العطور في الحضارة القبرصية:

قام علماء بريطانيون بالبحث والتنقيب عن العطور القديمة فوجدوا أن أقدم عطر كان موجودا في جزيرة قبرص ، ويعود تاريخه إلى 4000 آلاف سنة ، واكتشفت إحدى البعثات أن هذه المدينة المذكورة قد كان فيها رقعة أرض كبيرة يصنع فيها العطور ، وأن استخلاص العطر في ذلك الوقت في قبرص كان بطريقة مأخوذة من المصريين القدماء الذين برعوا في هذا المجال كما تقدم وذلك لأن المعدات التي استخدمها المصريون تشابه كثيرا المعدات التي استخدمت في هذه الجزيرة .

تاريخ العطور في الحضارة القبطية :

في زمن هذه الحضارة تعددت طرق صناعة العطور ، ولعل أبرز الطرق التي كان يستخدمها القبطيون في صناعية العطور و هي مزج سائل شجرة المر مع قرفة عادية ثم يضيفون إليه عصير قصب سكر و بعض القرفة الصينية مما يعطيه قوة وثباتا ، وكانت هذه الطريقة خاصة بالقساوسة و ببعض النساء .

ثالثا تاريخ العطور في الحضارة الإسلامية

اهتم المسلمون بالطيب ، لأمر دينهم به من باب النظافة ، واهتمام نبيهم صلى الله عليه وسلم به ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الطيب والبخور ويأمر به ، ولقد ورث المسلمون عن الحضارات السابقة طرق استخراج العطر ، إلا أن العرب كانوا هم أول من استخدم تاج الزهرة لاستخراج ماء الزهور منذ 1300 عام ،
حتى انهم لم يستخدموه فقط في التطيب ، إنما استخدموه أيضا بالتطبب من بعض الأمراض ، و من المشهور أن أقدم أنواع العطر التي استحدثها العرب عطر الورد الذي راج رواجا كبير بين القبائل العربية ، حتى صار من الهدايا التي يتهاداها زعماء القبائل والأمصار ، والعطايا التي يعطونها لمن يستحق ، فاستخدموا مختلف أنواع الورد لاستخراج العطر كالياسمين والفل و الورد وزهر الياسمين، فبرعوا بذلك وأخذوا ينشرون طريقة استخراج العطر بين الناس ، و لعل أبرز العلماء الذين كان لهم اهتماما بتركيب العطور ابن سينا الذي اشتهر بثقافته العامة وخبرته بالطب والطبيعة ، حتى أنه كتب كتابا أسماه كيمياء العطور هذا الكتاب احتوى على الكثير الكثير من أنواع العطور التي كان يركبها ابن سينا ، والتي تعود للعصور السابقة ، فكتب قائمة طويلة في أنواع العطور وطريقة صنعها ، وكان يستخدم المسك والعنبر في تراكيبه كعناصر أساسية كما هو واضح من الخلطات التي أودعها كتابه المميز هذا ، وهذا يوضح لنا براعة هذا الإمام الفذ الذي لم يترك علما من العلوم إلا و وضع بصمته فيه ، ويبين لنا اهتمام المسلمين بالعطور والنظافة والأناقة .

رابعا: تاريخ العطور في العصر الحديث وفي الحضارة الأوربية خاصة:

اهتم الأوربيون بتصنيع العطور وتصديرها للعالم ، ولقد ورثت أوروبا أغلب طرق تصنيع العطور من العرب ، ولقد اشتهر الهونجارييون بذلك إذ أنهم كانوا أكثر الناس اهتماما بالعطور وتركيباتها ، حتى غدا هذا العلم فنا يتوارثه الأجيال في حوانيت صناعة العطور الصغيرة وحديثا في المصانع الكبيرة التابعة لشركات العطور التي أثبتت نجاحها وبراعتها في تركيب العطور .
لقد أضاف الهنكاريون مادة جديدة للعطور لم يسبقهم إليها أحد وهي مادة الكحول و يعتبر أول عطر استُخدم فيه مادة الكحول كمادة أساسية كان في عام 1370 وكان ذلك بتكليف من إليزابيث ملكة بولندا التي كانت تحب العطور وتقتني أنفسها لنفسها ، والذي أطلق عليه فيما بعد ماء هونجاري نسبة للهونجاريين الذين أضافوه لعطر كما ذكرنا .
أما الفرنسيون فقد كان لهم الباع الأطول في صناعة العطور وتركيبها تركيبا فريدا مميزا  و اصبح الفرنسيون في المراكز الاولى عبر التاريخ في تاريخ العطور . . فقد اهتم الفرنسيون بالعطور صغيرهم وكبيرهم وأولوه أهمية كبيرة في نفوسهم مما أكسبهم الإبداع في تركيبه ، فأفردوا للعطر المخابر والمعامل المختصة بتصنيعه ، وقاموا بإدخال عناصر جديدة لم تكن معهودة في عالم العطور حتى غدا العطر الفرنسي من أفضل العطور ، بل لقد عرفت طائفة فرنسية باسم صناع العطور لخبرتهم في تركيبه وهذا كان في القرن السابع عشر إلا انهم كانوا أحيانا يضيفون للعطر موادا سامة أودت بحياة إحدى الأميرات الفرنسيات التي كانت تستخدم مستحضرا تجميليلا من إنتاجهم مما أثرعلى سمعة هذه الطائفة.
بعد هذا كله جاءت المواد الكيميائية فغيرت معالم العطور ومجراها في العالم ، و وضعت بصمة جديدة في تاريخ العطور فصار العطر لكافة طبقات الناس ، للفقراء والأغنياء بفضل المواد الغذائية على عجرها وبجرها .
فبإضافة المواد الكيميائية و النفطية مؤخرا للعطور كثرت أنواع العطور و استحدث الناس أنواعا تقليدية عن العطور الغالية الثمن ، وهذا ما نعيشيه في زمننا هذا والواقع شاهد على ذلك . .
لكن تبقى العطور الطبيعية صحية أكثر وإن ارتفع ثمنها ، ويبقى ثباتها أطول ، وريحها أقوى وأكبر .